كلمات قصيدة دع الصبا(القصيدة الزينبية) - مشاري العفاسي

 كلمات قصيدة دع الصبا(القصيدة الزينبية) - مشاري العفاسي

فدَعِ الصِّبا فلقد عداكَ زمانُهُ
وازهَد فعمرُكَ مرَّ منه الأطيبُ
ذهبَ الشبابُ فما له منْ عودةٍ
وأتَى المشيبُ فأينَ منهُ المَهربُ

دَعْ عنكَ ما قد كانَ في زمنِ الصِّبا
واذكُر ذنوبَكَ وابِكها يا مُذنبُ
واذكرْ مناقشةَ الحسابِ فإنه
لا بَدَّ يُحصى ما جنيتَ ويَكتُبُ

لم ينسَهُ الملَكانِ حينَ نسيتَهُ
بل أثبتاهُ وأنتَ لاهٍ تلعبُ
والرُّوحُ فيكَ وديعةٌ أُودِعتَها
ستَردُّها بالرغمِ منكَ وتُسلَبُ

وغرورُ دنياكَ التي تسعى لها
دارٌ حقيقتُها متاعٌ يذهبُ
والليلُ فاعلمْ والنهارُ كلاهما
أنفاسُنا فيها تُعدُّ وتُحسبُ

وجميعُ ما خلَّفتَهُ وجمعتَهُ
حقًا يَقينًا بعدَ موتِكَ يُنهبُ
تَبًّا لدارٍ لا يدومُ نعيمُها
ومَشيدُها عمّا قليلٍ يَخربُ

فاسمعْ هُديتَ نصيحةً أولاكَها
بَرٌّ نَصوحٌ للأنامِ مُجرِّبُ
صَحِبَ الزَّمانَ وأهلَه مُستبصرًا
ورأى الأمورَ بما تؤوبُ وتَعقُبُ

فعليكَ تقوى اللهِ فالزمْها تفزْ
إنّ التّقيَّ هوَ البَهيُّ الأهيَبُ
واعملْ بطاعتِهِ تنلْ منهُ الرِّضا
إن المطيعَ لهُ لديهِ مُقرَّبُ

واقنعْ ففي بعضِ القناعةِ راحةٌ
واليأسُ ممّا فاتَ فهوَ المَطْلبُ
فإذا طَمِعتَ كُسيتَ ثوبَ مذلَّةٍ
فلقدْ كُسيَ ثوبَ المَذلَّةِ أشعبُ

وابدأْ عَدوَّكَ بالتحيّةِ ولتَكُنْ
منهُ زمانَكَ خائفًا تترقَّبُ
واحذرهُ إن لاقيتَهُ مُتَبَسِّمًا
فالليثُ يبدو نابُهُ إذْ يغْضَبُ

إنَّ العدوُّ وإنْ تقادَمَ عهدُهُ
فالحقدُ باقٍ في الصُّدورِ مُغيَّبُ
وإذا الصَّديقٌ لقيتَهُ مُتملِّقٍا
فهوَ العدوُّ وحقُّهُ يُتَجنَّبُ

لا خيرَ في ودِّ امريءٍ مُتملِّقٍ
حُلوِ اللسانِ وقلبهُ يتلهَّبُ
يلقاكَ يحلفُ أنه بكَ واثقٌ
وإذا توارَى عنكَ فهوَ العقرَبُ

يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً
ويَروغُ منكَ كما يروغُ الثّعلبُ
وَصِلِ الكرامَ وإنْ رموكَ بجفوةٍ
فالصفحُ عنهمْ بالتَّجاوزِ أصوَبُ

واخترْ قرينَكَ واصطنعهُ تفاخرًا
إنَّ القرينَ إلى المُقارنِ يُنسبُ
إنَّ الغنيَّ من الرجالِ مُكرَّمٌ
وتراهُ يُرجى ما لديهِ ويُرهبُ

ويُبَشُّ بالتَّرحيبِ عندَ قدومِهِ
ويُقـامُ عندَ سَلامهِ ويُقرَّبُ
والفقرُ شَيْنٌ للرِّجالِ فإنه حقًا
يهونُ به الشَّريفُ الأنسبُ

واخفضْ جناحَكَ للأقاربِ كُلِّهمْ
بتذلُّلٍ واسمحْ لهمْ إن أذنبوا
ودعِ الكَذوبَ فلا يكُنْ لكَ صاحبًا
إنَّ الكذوبَ يشينُ حُرًا يَصحبُ

وزِنِ الكلامَ إذا نطقتَ ولا تكنْ
ثرثارةً في كلِّ نادٍ تخطُبُ
واحفظْ لسانَكَ واحترزْ من لفظِهِ
فالمرءُ يَسلَمُ باللسانِ ويُعطَبُ

والسِّـرُّ فاكتمهُ ولا تنطُقْ بهِ
إنَّ الزجاجةَ كسرُها لا يُشعَبُ
وكذاكَ سرُّ المرءِ إنْ لمْ يُطوهِ
نشرتْهُ ألسنةٌ تزيدُ وتكذِبُ

لا تحرِصَنْ فالحِرصُ ليسَ بزائدٍ
في الرِّزقِ بل يَشقَى الحريصُ ويتعبُ
ويظلُّ ملهوفاً يرومُ تحيّلًا
والرِّزقُ ليسَ بحيلةٍ يُستجلَبُ

كم عاجزٍ في الناسِ يأتي رزقُهُ
رغَدًا ويُحرَمُ كَيِّسٌ ويُخيَّبُ
وارعَ الأمانةَ والخيانةَ فاجتنبْ
واعدِلْ ولا تظلمْ يَطبْ لكَ مكسَبُ

وإذا أصابكَ نكبةٌ فاصبرْ لها
مَن ذا رأيتَ مسلَّمًا لا يُنْكبُ
وإذا رُميتَ من الزمانِ بريبةٍ
أو نالكَ الأمرُ الأشقُّ الأصعبُ

فاضرعْ لربّك إنه أدنى لمَنْ
يدعوهُ من حبلِ الوريدِ وأقربُ
كُنْ ما استطعتَ عن الأنامِ بمعزِلٍ
إنَّ الكثيرَ من الوَرَى لا يُصحبُ

واحذرْ مُصاحبةَ اللئيم فإنّهُ
يُعدِي كما يُعدِي الصحيحَ الأجربُ
واحذرْ من المظلومِ سَهمًا صائبًا
واعلمْ بأنَّ دعاءَهُ لا يُحجَبُ

وإذا رأيتَ الرِّزقَ عَزَّ ببلدةٍ
وخشيتَ فيها أن يضيقَ المذهبُ
فارحلْ فأرضُ اللهِ واسعةَ الفَضَا
طولاً وعَرضاً شرقُها والمغرِبُ
فلقدْ نصحتُكَ إنْ قبلتَ نصيحتي
فالنُّصحُ أغلى ما يُباعُ ويُوهَبُ

إرسال تعليق

0 تعليقات