كلمات أنشودة ليس الغريب - مشاري العفاسي

 كلمات أنشودة ليس الغريب - مشاري العفاسي

لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّامِ و اليَمَنِ
إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ و الكَفَنِ

إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتـِهِ
على الْمُقيمينَ في الأَوطانِ و السَّكَنِ

لا تَنْهَرَنْ غَريباً حالَ غُرْبَتِهِ
الدَهَرُ ينْهَرُهُ بالذُلِّ و المِحَنِ

سَفْري بَعيدٌ وَ زادي لَنْ يُبَلِّغَنـي
وَ وقُوَّتي ضَعُفَتْ و المـوتُ يَطلُبُنـي

وَ لِي بَقايــا ذُنوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها
الله يَعْلَمُهــا في السِّرِ و العَلَنِ

مـَا أَحْلَمَ اللهَ عَني حَيْثُ أَمْهَلَني
و قَدْ تَمـادَيْتُ في ذَنْبي و يَسْتُرُنِي

تَمُرُّ سـاعـاتُ أَيّـَامي بِلا نَدَمٍ
و لا بُكاءٍ وَ لاخَـوْفٍ و لا حـَزَنِ

أَنَـا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِداً
عَلى المعاصِي وَ عَيْنُ اللهِ تَنْظُرُنـي

يَـا زَلَّةً كُتِبَتْ في غَفْلَةٍ ذَهَبَتْ
يَـا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلبِ تُحْرِقُني

دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسي وَ أَنْدُبُـهـا
وَ أَقْطَعُ الدَّهْرَ بِالتَّذْكِيـرِ وَ الحَزَنِ

دَعْ عَنْك عَذْلِي يا مَنْ كَانَ يَعْذِلُنِي
لَو كُنْتَ تَعْلَمُ ما بِي كُنْتَ تَعْذُرُنِي

دَعْنِي أَسِحُّ دُمُوعَاً لا انْقِطَاعَ لَهَا
فَهَلْ عَسَى عَبْرَةٌ مِنْهَا تُخَلِّصُنِي

كَأَنَّني بَينَ جُلِّ الأَهلِ مُنْطَرِحَاً
عَلى الفِراشِ وَ أَيْديهِمْ تُقَلِّبُنــي

وَ قَدْ تَجَمَّع حَولِي مَنْ يَنوحُ و مَنْ
يَبْكِي عَلَيّ و يَنْعَانِي و يَنْدُبُنِي

وَ قد أَتَوْا بِطَبيبٍ كَـيْ يُعالِجَنـي
وَ لَمْ أَرَ الطِّبَّ هَذا اليـومَ يَنْفَعُني

و اشَتد نَزْعِي وَ صَارَ المَوتُ يَجْذِبُـها
مِن كُلِّ عِرْقٍ بِلا رِفقٍ و لا هَوَنِ

و استَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها
و صـَارَ رِيقي مَرِيرَاً حِينَ غَرْغَرَني

وَ غَمَّضُوني وَ رَاحَ الكُلُّ و انْصَرَفوا
بَعْدَ الإِياسِ وَ جَدُّوا في شِرَا الكَفَنِ

وَ قـامَ مَنْ كانَ حِبُّ النّاسِ في عَجَلٍ
نَحْوَ المُغَسِّلِ يَأْتِينِـي يُغَسِّلُنِي

وَ قــالَ يـا قَوْمِ نَبْغِي غاسِلاً حَذِقاً
حُرَّاً أَدِيبَاً أَرِيباً عَارِفـاً فَطِنِ

فَجــاءَني رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَرَّدَني
مِنَ الثِّيــابِ وَ أَعْرَاني و أَفْرَدَني

وَ أَوْدَعوني عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحـاً
وَ صـَارَ فَوْقي خَرِيرُ الماءِ يُنْظِفُني

وَ أَسْكَبَ الماءَ مِنْ فَوقي وَ غَسَّلَني
غُسْلاً ثَلاثاً وَ نَادَى القَوْمَ بِالكَفَنِ

وَ أَلْبَسُوني ثِيابـاً لا كِمامَ لهـا
وَ صارَ زَادِي حَنُوطِي حيـنَ حَنَّطَني

و أَخْرَجوني مِنَ الدُّنيـا فَوَا أَسَفَا
عَلى رَحِيـلٍ بِلا زادٍ يُبَلِّغُنـي

وَ حَمَّلوني على الأْكتـافِ أَربَعَةٌ
مِنَ الرِّجـالِ وَ خَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُني

وَ قَدَّموني إِلى المحرابِ و انصَرَفوا
خَلْفَ الإِمـَامِ فَصَلَّى ثـمّ وَدَّعَني

صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لهـا
و لا سُجـودَ لَعَلَّ اللـهَ يَرْحَمُني

وَ أَنْزَلوني إلـى قَبري على مَهَلٍ
وَ قَدَّمُوا واحِداً مِنهـم يُلَحِّدُنـي

وَ كَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني
وَ أَسْبَلَ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني

فَقامَ مُحتَرِمــاً بِالعَزْمِ مُشْتَمِلاً
وَ صَفَّفَ اللَّبِنَ مِنْ فَوْقِي و فـارَقَني

و قَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ و اغْتَنِموا
حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ

في ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هُنــاك و لا
أَبٌ شَفـيقٌ و لا أَخٌ يُؤَنِّسُنــي

وَ هَالَنِي صُورَةً فِي  العَينِ إِذْ نَظَرَتْ
مِنْ هَولِ مَطْلَعِ ما قَدْ كَانَ أَدْهَشَنِي

مِنْ مُنْكَرٍ وَ نَكِيرٍ ما أَقُولُ لَهُم
قَدْ هَالَنِي أَمْرُهُم جِدّاً فأفزَعَنِي

و أَقْعَدُونِي و جَدّوا في سُؤالِهُمُ
ما لِي سِواكَ إِلَهِي مَنْ يُخَلِّصُنِي

فامْنُنْ عَلَيّا بعَفْوٍ مِنْكَ يا أَمَلِي
فإِنَّني مُوثَقٌ بالذَنْبِ مُرْتَهَنِ

تَقَاسمَ الأهْلُ مَالِي بعدما انْصَرَفُوا
وَ صَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني

واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لهـا بَدَلي
وَ حَكَّمَتْهُ عَلى الأَمْوَالِ و السَّكَـنِ

وَ صَيَّرَتْ وَلَدي عَبْداً لِيَخْدُمَهــا
وَ صَارَ مَـالِي لهم حـِلاً بِلا ثَمَنِ

فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيــا وَ زِينَتُها
و انْظُرْ إلى فِعْلِهــا في الأَهْلِ و الوَطَنِ

و انْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها
هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ و الكَفَنِ

خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك و ارْضَ بِها
لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ

يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحْصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً
يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ

يـَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ و اكْتَسِبِي
فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني

يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي و اعمَلِي حَسَناً
عَسى تُجَازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ

ثمَّ الصلاةُ على الْمُختـارِ سَيِّدِنـا
مَا وَضّـأ البَرْقَ في شَّامٍ و في يَمَنِ

و الحمدُ لله مُمْسِينَـا وَ مُصْبِحِنَا
بِالخَيْرِ و العَفْوْ و الإِحْســانِ وَ المِنَنِ

إرسال تعليق

1 تعليقات

أخبرنا رأيك👇😃